الاثنين، 21 يوليو 2014

الاخطاء المنسيه

ترجل مسرعاً من سيارة الأجره و سحب حقيبته ثم مال على النافذه ليدفع للسائق الأجره، فأصاب وقوف السياره إزدحام فى الشارع و بدأت تتعالى اصوات نفير السيارات فأشار لهم بيده مصيحاً:
 - انتظروا دقيقه!! ما مشكلتكم!!
انتهى من محاسبة السائق و التفت مسرعاً متجهاً الى مدخل محطة القطار فقد تأخر بالفعل بسبب الزحام المرورى الغير مفهوم سببه بالنسبه له،

اتجه صوب شباك حجز التذاكر و طلب تذكره للقطار فأخبره الموظف أن التذاكر المتاحه هى تذاكر الدرجه الثانيه فقط، زفر فى حنق استقبله الموظف بكامل البرود و التجاهل الذى زاد من حنقه لتلك اللامبالاه من تجاه الموظف للمشكله التى هو بصددها،
لم يكن يملك الوقت لمزيد من المهاترات فوافق على شراء تذكره درجه ثانيه على أن يتدبر حاله فيما بعد،

اتخذ طريقه الى الرصيف الذى سوف يغادر منه القطار و لمح رجل عجوز يبدو على ملاحمه الكثير من الهدوء و ابتسامه خفيفه مرسومه على وجهه يتابعه ببصره و قبل أن يطيل النظر اليه فوجىء بصوت خشن يقول له:
 - إثبات شخصيه من فضلك!!
تطلع لمن يخاطبه فوجده احد رجال الشرطه من المباحث المكلفين بأمن المحطه، ارتبك لوهله ثم أخرج بطاقته الشخصيه و ناولها له راسماً ابتسامه مزيفه على وجهه و هو يقول:
 - هل هناك خطأ ما؟
تجاهل رجل الأمن سؤاله و هو يتطلع الى البطاقه و الى وجهه ثم سأله بنبرة المحقق:
 - الى اين انت متجه؟
اجابه بنفس النبره المرتبكه:
 - الى مدينة.....، فهذا محل سكنى، لكن هنا محل عملى
سأله و عينيه تتفحصه:
 - ماذا يوجد بهذه الحقيبه؟
 - هذا الحاسب المحمول الخاص بالعمل .. هل تود الاطلاع عليه؟
صمت للحظه ثم اعاد له البطاقه الشخصيه و هو يقول:
 - لا داعى .. نعتذر على تأخيرك
 - لا داعى للاعتذار انتم تقومون بواجبكم لحمايتنا
لم يكترث رجل الأمن لتعليقه و انصرف هو مسرعاً كما لو انه قام لتوه بتهريب شحنة مخدرات عبر نقطة تفتيش، و بمجرد ان تأكد انه ابتعد حتى سب رجل الأمن و جهاز الأمن كله بأبشع الألفاظ .. تصادف وجود الرجل العجوز على مقربه منه و وجهه يحمل نفس الابتسامه،

لم يبالى كثيراً و اتجه الى باب القطار و بمجرد صعوده اتجه الى عربة الدرجه الأولى ثم بحث بعينيه عن العامل المسئول عن التفتيش عن التذاكر و اتجه نحوه .. اعطاه تذكرته مخفى بداخلها ورقه نقديه قائلاً له فى همس:
 - لا استطيع ان أجد مكانى فى عربة الدرجه الأولى
تلقى العامل التذكره ببساطه و دس الورقه النقديه فى جيبه و أشار له أن يتبعه .. وجد له مقعد فارغ بجانب الرجل العجوز الذى لمحه من قبل .. شكر العامل و ارتاح فى مقعده بينما كان هذا العجوز منهمكاً فى قراءة الجريده،

بمجرد تحرك القطار قام من مجلسه و اتجه الى المكان الفاصل بين عربات القطار و فتح النافذه قليلاً و قام بإشعال سيجاره و أخذ يدخنها باستمتاع و هو يتطلع الى الطريق الذى يلتهمه القطار بسرعته العاليه،
 دخل عليه هذا المكان فتاه على قدر عالى من الجمال و الأنوثه .. توحى ملابسها انها من نفس مستواه الاجتماعى .. اخرجت هى الأخرى سيجاره من حقيبتها و اخذت تبحث فى ضيق عن القداحه و نظراته تلتهمها ثم سارع بمد يده لها مشعلاً قداحته قائلاً:
 - تفضلى
ازاحت شعرها الناعم بلون العسل حتى لا تطوله نيران القداحه و مالت لتشعل السيجاره من يده الممدوده فاستغل الفرصه ليلقى نظره متفحصه على منبت نهديها من البلوزه مفتوحة الصدر ثم ابتعدت قائله:
 - شكراً
 - عفواً .. كم اتمنى ان يكون هناك عربات مخصصه للمدخنين بدلاً من الوقوف فى هذا المكان الردىء كلما اردنا تدخين سيجاره
نفثت دخان سيجارتها فى قوه و عيناه تطالعها فى ترقب و تفحص .. ثم ردت قائله:
 - عندك حق سيكون هذا افضل بكثير
اعتبر هذه الإشاره ببدء الحديث و بالفعل لم يكذب خبر و بدأ فى تجاذب أطراف الحديث معها و بدأت تتعالى ضحكاتهم و دخنوا سيجاره ثانيه و ثالثه  ثم اتجه كلاهما عائداً الى مكانه و كان هو يتطلع الى هاتفه المحمول فى نظرة انتصار تدل على انه استطاع الحصول على رقمها بطريقة ما،

فى تلك اللحظه كان العامل يمر للتحقق من صحة التذاكر و عندما وصل عنده اعطاه التذكره فى تردد لكن مفعول الورقه النقديه لم يزل بعض فوضع العامل علامه عليها و اكمل طريقه ثم توقف عند احد المسافرين قائلاً:
 - سيدى تذكرتك درجه ثانيه من فضلك اتجه الى عربة الدرجه الثانيه
اجابه المسافر فى اعياء:
 - لكنى مريض للغايه و عربة الدرجه الثانيه مزدحمه و مكيف الهواء بها لا يعمل .. هل من الممكن ان أظل هنا .. هذا المقعد شاغر
رد العامل عليه فى ضيق:
 - لا يا سيدى غير مسموح لك بالجلوس هنا من فضلك اتجه للعربه الخاصه بك
قام الرجل فى اعياء و حمل حقيبته منصرفاً فى انكسار،
كان يتابع الموقف فهز رأسه مغمغماً:
 - مجتمع فاسد !!
فجأه تكلم الرجل العجوز دون أن يرفع عينيه عن الجريده قائلاً:
 - و أنت المسؤل عن فساده..
نظر اليه فى دهشه و سأله:
 - عذراً .. هل تخاطبنى؟!
رفع العجوز عينيه عن الجريده و تطلع اليه بنفس الابتسامه الهادئه قائلاً:
 - نعم انت المسؤل عن فساد هذا المجتمع
رد عليه فى استنكار ممزوج بالسخريه قائلاً:
 - حقاً !! .. اعتقد انه من الرائع انى مازالت متعايش مع مجتمع اساس بنيانه الفوضى و الفساد !!
اتسعت ابتسامة العجوز و رد عليه بنبره هادئه:
 - إنظر الى النافذه .. هذه المجموعه الضخمه من الأشجار .. قد نطلق عليها غابه أو مزرعه أو غيرها من الاسماء .. لأنها مجموعه من الأشجار كونت هذا الكيان .. لكن لو كانت شجره وحيده فلا نستطيع ان نصفها بهذا الاسم .. نفس الحال بالنسبه للفساد .. ان مجموعه من الاخطاء و التجاوزات تصنع غابه من الفساد .. المسؤل عن تكوين تلك الغابه .. هو كل من زرع شجرة خطأ او تجاوز فى حق المجتمع .. ليس فرد واحد او خطأ واحد او تجاوز واحد،
منذ وصولك لمحطة القطار و انت ترتكب التجاوزات و الاخطاء .. ثم تعود تلقى اللوم على المجتمع .. و لكن يا عزيزى ما الذى يمنع كل الآخريين من ارتكاب نفس التجاوزات التى ارتكبتها ثم يتهمونك انت بالفساد؟!

 لقد كنت متضايق لتأخرك بسبب ازدحام المرور .. على الرغم من أنك تسببت فيه حتى و لو لدقيقه .. لو كل فرد تسبب فى دقيقة زحام فستون فرد سيتسببون فى ساعة زحام،

ثم تعاملت مع رجل الأمن بكل نفاق ثم سببته بعدها على الرغم من أنك لا يوجد لديك أى سبب يدفعك لتفعل هذا .. سواء منافقته او سبه .. و لكنك استخدمت النفاق لتكمل طريقك و و وضعته تحت مسمى "الذوق" او "اللباقه" و غيرها من المسميات،

ثم قمت برشوة عامل التذاكر لتأخذ شيئاً ليس من حقك و هو جلوسك هنا فى الدرجه الأولى على الرغم من أن تذكرتك درجه ثانيه .. و اتهمت المجتمع بالفساد عندما حاول شخص آخر فعل نفس ما فعلته لكن دون أن يدفع "الإكراميه" أو "البقشيش" أو غيرها،

و التمعت عيناك و اشعلت نار غريزتك تجاه تلك الفتاه و حلمت بالليالى الحمراء التى ستقضيها معها و ما سترويه لاصدقائك عنها وانت تفترس جسدها بنظراتك بينما هى كل ذنبها انها مسافره وحيده قابلت صدفه شخص من نفس مستواها الاجتماعى و الفكرى فاستطاعت ان تجرى معه حوار إنسانى .. لكنها لا تعى انها امام احد المتحرشيين لكن اسلوبه فى التحرش مغلف بغلاف الواجهه الاجتماعيه و الثقافيه،

كان يتطلع له فى صمت فالتقط العجوز انفاسه مكملاً:
 - انك انت و غيرك تمارسون تلك الاخطاء و انتم مرتاحون البال .. لأن الخطأ يرتكبه المجتمع بأكمله .. فعندما يتم تقسيمه على المجتمع تصبح مسؤلية كل فرد لا تذكر .. فترتاح ضمائركم .. إن التجاوز الصغير كالكبير .. النفاق المسمى بأسم آخر هو نفاق .. الرشوه البسيطه كالرشوه بالملايين .. التحرش المُقنع مثل التحرش الصريح .. كل تصرف فاسد صغير سينتج عنه فى النهايه فساد كبير

صمت للحظات متتطلعاً اليه ثم قال:
 - و هل من المفترض ان اكون انا المسؤل عن أصلاح المجتمع؟
رد العجوز فى هدوء:
 - كن مسؤلاً عن إصلاح نفسك .. و بها ينصلح المجتمع .. لا ترضى بانصاف الحلول و الحقوق .. و لا تقوم بانصاف الواجبات .. بالطبع ستخطىء .. لكن طالما انت تحاول فسيكون الناتج افضل

توقف القطار فى تلك اللحظه فى المحطه فقام الرجل العجوز من مجلسه و التقط جريدته و حقيبته الصغيره و التفت له قائلاً قبل ان يبتعد:
 - لا تكن مثل هذا القطار .. تنطلق فى سرعه عاليه غير مبال بما يمر حولك او ما قد يقف فى طريقك بينما كل هدفك ان تصل الى المحطه التى تريدها

نزل كلاهما من القطار و اطال النظر نحوه و هو يبتعد .. كان الرجل العجوز مازال ممسكاً بتذكرة القطار فى يده .. فطوح يده و ألقاها على ارضية المحطه ثم التفت اليه و اتسعت ابسامته ثم تحولت الى ضحكه عاليه تردد صداها و هو يذوب وسط الزحام. 

الخميس، 3 يوليو 2014

..شخبطه

يحلق عقلك بعيداً عن جسدك .. يرسم تخيلات .. يقلب ذكريات .. يعيد مشاهد الحياة التى مرت به و يعيد "مونتاچها" و "إخراجها .. يحلم .. يغضب .. يحزن .. يفرح،

ما يلى هو مجموعه من كل هذا مرت على عقلى، لا تعنى انها هى الصواب او الخطأ .. تناسب البعض و تتعارض مع الآخر .. قد تحب بعضها و قد تكره الكثير منها .. لكن لا تصدر احكاماً من خلالها .. فى النهايه هى مجرد "شخبطه.."



- اذكى الطرق لإخفاء الحقيقه يكون بدفنها تحت العديد من الحقائق الأخرى

- الكاذب هو شخص صادق فى انه يكذب، لكن إحذر الممثل .. فأنه يتقمص الكذب فلا تستطيع ان تفرقه عن الحقيقه

- لا ترهق نفسك بالبحث عن الحب الأفلاطونى الذى بلا مقابل .. فلن تجده سوى عند أمك

- حبى لمن قبلك كان مثل الشموع، يبدأ جميل .. رومانسى .. و ينطفىء بمجرد تعرضه لحرارة لهب الحياه، لكن حبى لكى كالشمس، يلهبك .. يدفئك .. يظهر .. يغيب .. لكنه باق الى نهاية الحياه

 - كل من يهاجم طلبك بحريتك فى الإختيار هو شخص تم سلب منه حرية الاختيار

 - احياناً تكون المواساه من أسخف الأفعال .. صارحهم بالحقيقه الموجعه و سيشكروك لاحقاً

 - لا تتعجب من تبدل أحوال البشر .. فالليل تحول لنهار .. البحر تحول لجبل .. الرمل تحول لللؤلؤ .. الجبناء تحولوا لملوك .. و الملاك تحول لإبليس

 - ليست الأنانيه أن تحب نفسك .. الأنانيه تبدأ عندما تحب الآخرين و ترغب فى تملكهم

 - ليس كل من بالقاع شر .. فالقلب مسجون فى قفص .. قابع فى الظلام .. محاط بالدماء .. و رغم ذلك يبث حب و خير و نور و حياه

 - على الرغم من أن اعيننا فى رأسنا نحن .. انشغلنا بصورتنا فى عيون الآخرين و نسينا صورتنا فى أعيننا نحن

 - المرأه اجمل المخلوقات .. إحساسها بأن تكون الأجمل و الأرقى و الاكثر طلباً هو إحساس طبيعى .. لا تتعجب من كونها تقلل من شأن بقية النساء

 - هناك قصه فاشله .. تجربه فاشله .. محاوله فاشله .. لكن الحب .. فإنه لا يفشل

 - كل انتقادتك و هجومك على الآخرين ما هو الى محاولات لمدواة جروح ضميرك

 - تعمد النسيان لا ينتج عنه سوى تثبيت الذكرى

 - إن الإراده هى وقود سيارة أحلامك .. إن لم تكن تملكها .. فلتركب الحافله التى تضم أحلام الآخرين

 - إن لم تتعلم أن تسخر من الحياة فتأكد انها ستسخر منك

 - عرفت انى فقدت جزء من إنسانيتى عندما تساوى الاحساس لدى تجاه عدد الاهداف فى المباره بعدد القتلى من البشر

 - نكمل واقعنا بخيالنا حتى نرفع من شأن انفسنا أمام أنفسنا

 - نتعلق بطوق النجاه المسمى بالإنشغال .. لكن فى واقع الأمر هى مسألة أولويات

 - عندما تشكو حبيبتك من خشونة ذقنك و انت تقبلها .. فاعلم ان تلك بداية إنطفاء رغبتها

 - قمة الذل ان تطالب بحقك فى ضعف و كأنك تطلب إحساناً