السبت، 30 أغسطس 2014

حبات اللؤلؤ

ضحكه صاخبه تدوى فتلتفت لها كل الأنظار..

تتطلع اليها فيطول تطلعك..عينان صافيتان..تشعان ببراءه اصبح من النادر العثور عليها، وجه لم تستطع قسماته الطفوليه أن تطغو على جاذبيته، يتوجه شعر طويل ناعم و فى معظم الأحوال يكون متمرد..لا تعرف إذا كان غير اكتراث منها ام نوع من التآلف مع الطبيعه و العفويه،

الوسطيه هى السائده..قوام متوسط..طول متوسط..وزن متوسط..تحاول علامات الأنوثه أن تستعرض نفسها فتقوم هى بتلجيمها باحتشامها،
تلمس البساطه فى كل ما يخصها..فى ملابسها..فى حليها..فى زينتها..فى مقتنايتها،

هل تصنف كشخصيه إجتماعيه؟ بكل تأكيد..لكن هذا لا يمنع انها تتأثر بالانطباع الأول..فإذا احست بالارتياح ستعاملك كصديق مقرب، و إذا إنزعج إحساسها فستلتزم الصمت و تتطلع لك فى استغراب و شرود..فعقلها الآن مشغول بوضع حكمه على تلك الشخصيه ليؤيد إحساسها،

إحساسها هو المحرك الأساسى..تثق به ثقة الانبياء فى ربهم..يصيب إحساسها كبد الحقيقه فى كثير من الأحيان فتزداد ثقتها به على الرغم من انها لا تعى أن عقلها الذكى هو الجندى المجهول صاحب هذا الفضل،
بما أنها تعتمد على إحساسها..فلا إندهاش أن يكون ما بداخلها حساس و رقيق، تغزو الدموع عيناها لكل ما هو مؤثر..بكاء صديقه..توجع حيوان..مشهد درامىى،

محبه للحياه..تعشق التنزه و السفر..تحب اصدقائها حباً صادقاً لا زيف فيه، بل لا زيف فى اى جزء من شخصيتها..عفويه لأقصى الحدود..لسانها يبوح بما فى عقلها دون رقابه او هذا ما تظنه ..فمازال لديها ذلك الصندوق الأسود الذى تحتفظ فيه بأدق أسرارها و أحلامها و مشاعرها..تحافظ عليه بشده..على أن تسلم مفتاحه لفارس الأحلام المنتظر، ذلك الفارس الذى سيبهرها بذكائه..برجولته الطاغيه..بطيبة قلبه..بقدرته على احتوائها..بإعطائها احساس الأمان..ليدور عالمها حوله و حول بيتهما و أولادهما،

روحها صافيه..تتقبل من حولها فى بساطه و لا تلقى بالاً لأخطاء الآخرين العفويه، إذا كان تعديك فى نطاق المزاح فأقصى ما ستجده هو غضب طفولى الذى يتم محوه بقطعة حلوى أو كلمه جميله، لكن إحذر أن تهين كرامتها..ستكون كمن لمس عصب مكشوف..فتسرى كهرباء الألم فى كل روحها و تكون على أتم استعداد لاستئصالك من حياتها،

سيكون رأيك انها غير قادره على تحمل مسؤلية عمل..لكنك ستندهش من مدى إجادتها لعملها و تفانيها فيه، فهذا دافعه هو ضميرها اليقظ دائماً..لا ينام..رقيب عليها فى كل الأوقات، و لعل هذا يفسر التزامها الدينى والأخلاقى،

تدخل الى اعماقها حبات الرمال من منغصات الحياه..فتغلفها هى بالجمال و النقاء والصفاء كى تحمى روحها..فتنتج روح كحبات اللؤلؤ..تنبهر انت لجمالها و تستمتع بها..و لا تعرف انها نتاج آلام و أوجاع،
انها كما هو متعارف عليها "مريم" و المقربين يلقبونها "بمريومى" و لكنها تستحق وبجداره أن يكون لقبها "لولى"

الأحد، 24 أغسطس 2014

عندما تتفتح الأزهار

تدافع .. تزاحم .. همهمات .. حوارات .. تأملات،
كان هذا هو الحال حولها .. تهافت الجميع من مختلف الفئات سعياً إليها،

كانت زهرة جديدة قد نبتت و تفتحت بين غيرها من الزهور، أوراقها ناعمه .. لكنها قوية .. ألوانها رقيقة .. لكنها ملفتة .. ساقها مائل .. لكنها محتفظة بثباتها،
كلما أقترب جمع منها وقفوا يتأملونها فى صمت بينما عيونهم تبوح بالكثير من الكلمات الغير منطوقة، ثم يبتعدون ليأخذ غيرهم مكانهم بينما يبدأ المبتعدون فى التناقش حولها،

كانوا يبعدون بالمسافة الكافية لتسمع نقاشهم .. فإذا بأحدهم قائلاً:
 - يا لها من زهرة جميلة .. سيكون محظوظ من يحصل عليها
فيرد آخر فى حماس:
 - على الرغم من انى رأيت مثلها .. إلا أن هذة جمالها مختلف
فيقول ثالث بابتسامة هادئة:
 - ما شاء الله الذى أبدع فى خلقه
تداعب كلمات الإعجاب مشاعرها .. يختلج لها قلبها .. فتشوب حُمرة الخجل أوراقها .. فيزداد جمالها .. فتنطلق آهات الإعجاب من حولها .. فتروى سعادتها،
و زادت الأعداد .. و كثرت المناقشات .. فقال قائلاً:
 - هى بالفعل من أجمل ما رأيت .. لكنها من الممكن أن تكون أجمل .. إذا أظهرت الوانها اكثر و تفتحت أوراقها قليلاً
فانطلقت العديد من الأصوات المؤيدة .. فما كان منها إلا أن جائت فى اليوم التالى صارخة الألوان .. متفتحة الأوراق عن آخرها .. يتمايل ساقها ذات اليمين و ذات الشمال،

فهلل الكثيرون و زاد انبهارهم .. لكن فجأة انطلق صوت صائحاً:
 - ماذا هى بفاعلة؟! .. لقد كشفت عن كل جمالها و جعلته متاع للناظرين .. لقد أصبحت مصدر إلهاء للأجمعين .. أليس من المفترض أن تكون من الأزهار المحافظين؟!
فسادت الهمهمة بين الحاضرين و ارتفع صوت المؤيديين و توارت أصوات المعارضيين،
انتابها الضيق و شعرت انها اقترفت ذنب مبين .. فجائت اليوم الذى يليه .. بكل الوان الحذريين .. صبغت بها وريقاتها ليصبحوا قاتمين .. و أغلقتهم فى تشدد متين،
أشاد الكثيرون بهذا التصرف الحكيم و بقدرتها على درء كل شهوانى لئيم،

ثم وصل الى مسامعها مناقشة جمع آخر يقولون:
 - هذا تصرف رائع منها .. بارك الله فيها
 - لكنها الآن أصبحت زهرة عادية .. تشبه آلاف الزهور
 - لا يهم .. ساقتطفها و أضعها فى منزلى .. و يكون لى مطلق الحرية فى مظهرها
 - بل يجب أن تكون فى حوزة كل منا لبعض الوقت لنتمتع جميعاً بها
 - كل هذا خطأ .. الزهور مكانها محلات الزهور حيث يتم الاعتناء بمظهرها .. ثم يأتى    الشارى الذى يدفع كل غالى و نفيس فيحصل عليها و بذلك يكون أمن لها الحماية

طالت المناقشات .. تكاثرت الآراء .. تعددت الأحكام .. ثم انصرف الجميع .. هبط الليل بسكونه .. القى القمر بنوره على أوراقها .. فالتمعت قطرات الندى الممزوجه بدموعها،
شعرت بها زهرة مجاورة .. فمالت بساقها صوبها .. و سألتها:
 - ما الذى أقلق راحتك و ضغط على أحزانك فأفرزت دموعك؟
أجابتها فى حزن:
 - لقد سعيت لإرضاء الجميع .. و كلما أرضيت البعض .. جاء الآخرون معترضيين .. و فى نهاية المطاف .. أصدر الجميع حكمه بأنى كنت من المقصريين
فسألتها الزهرة الأخرى:
 - و انتى ماذا حكمك على نفسك؟
صمتت الزهرة مرتبكة .. لم تفكر فى ذلك الأمر .. فأكملت الزهرة الآخرى قائله:
 - فى يوم ما .. كنت زهرة جميلة مثلك .. محط أنظار الجميع .. جاء من جاء .. أبدوا الآراء .. أطلقوا الأحكام .. أعلن منهم رغبته فى تملكى .. و آخرون أكدوا على وجوب تملكى لآخر،

فما كان منى إلا انى عملت جاهدة على إرضاء الجميع .. فتشتت أفكارى .. ضاعت أحلامى .. فقدت ثقتى فى نفسى .. أصبحت كالريشه التى تتقاذفها رياح رغبات الآخرين .. تحولت روحى الى مسخ .. يشبه آلاف المسوخ التى تحيط بنا .. و حتى عندما صرت مثل الآخرين .. أتهمونى بأنى لا فرق بينى و بين الأجمعين، و ها أنا تعيسه .. متوارية .. فشلت فى إرضاء الآخرين .. و فشلت فى إرضاء نفسى،

إننا ننشغل بإرضاء الآخريين كى ننال محبتهم .. مع أننا إن لم نحب أنفسنا .. فكيف للآخرين أن يحبوها،

لا تلقى بالاً لكل لكل من يريد القاء نظرة على أوراقك .. يخطف نفحه من عبير رحيقك .. يتغزل فى جمال تمايل ساقك،
إنهم لن يتوقفوا عن إصدار الأحكام التى تتخفى تحتها نواقصهم و رغباتهم و احلامهم الضائعه و عجزهم و أطماعهم بل و شهواتهم .. الجميع يسعى الى ضمك الى آنية زهوره الخاصه حتى لا تختلفى فتثيرى أعاصير القلق فى جنبات أفكاره و تنقصى من شأنه اما نفسه,

اهتمى بجوهرك .. إرعى رحيقك الذى هو أساس حياتك و منبع عطائك .. إغرسى ساقك قويةً فى الأرض .. فلا يقدر على اقتطافك إلا من يستحقك،

ردت عليها الزهرة فى إرتياح:
 - شكراً لكى .. لقد أثلجت كلماتك قلبى و سأعمل بنصائحك فى الحال

ثم تطلعت الى ضوء القمر و هى تفكر كيف سترضى نفسها و تهتم بجوهرها حتى تنال رضا الآخريين !!

الاثنين، 18 أغسطس 2014

..لقد اخترتى

تثائبت و قمت بفرد ذراعيى فى محاوله لكسب بعض النشاط، فتحت اول بريد إلكترونى فى القائمه لكى ابدأ عملى فى قراءة شكاوى القراء و محاولة الرد عليها بعبارات مكرره و شعارات رنانه ثم دعم و تأكيد كلامى بالاستعانه بالأديان و ضرورة التقرب للخالق، فعملى يشبه ما كان يحدث فى "أريد حلاً" و "بريد الجمعه"، حيث يبعث القراء مشاكلهم الشخصيه و أقوم أنا بدور الواعظ الحكيم، لكن مع التطور اصبح هذا يتم عن طريق "الانترنت" و عن طريق البريد الإلكترونى،

بعد تفقد بعض الرسائل و الرد عليها كنت بدأت اشعر بالملل، لفت نظرى رساله عنوانها "هل أخطأت أم أخترت؟"، شدنى العنوان لتفقدها .. فتحت الرساله فكان نصها كالتالى:

عزيزى ....،
لا اعرف السبب الذى دفعنى كى اكتب اليك، فانا لم افكر من قبل ان اقوم بسرد ما يعتمل بنفسى إلا إلى اقرب المقربون و احيانا لا اسرد شيئاً، ما الذى دفعنى لاكتب لشخص لا اعرفه لاشكو له معاناتى مع نفسى .. لا اعرف .. ربما عندما يزداد ثقل ما تموج به انفسنا و نخشى حكم المقربون و ردود افعالهم نلجأ الى الاغراب كى نستطيع ان نبوح بكل شىء غير مبالين بحكمهم او رد فعلهم لأننا كنا نحتاج فقط ان نبوح،

انا (أ.ص)، ابلغ من العمر ثلاثون عاماً، متزوجهمن رجل يكبرنى بستة أعوام، لم أنجب بعد، اعمل بوظيفه جيده جداً بإحدى الشركات المتعددة الجنسيات، نقطن انا و زوجى بشقه جميله باحدى المنتجعات السكنيه الجديده ذات المستوى الفوق المتوسط،
يتميز زوجى بالطيبه الشديده، بالأخلاق الحسنه، حسن المظهر، من مستوى مادى ميسور، يعمل بوظيفه مرموقه، ربما كان عيبه الوحيد هو بعض العصبيه الزائده لكنها محتمله،
لعلك تتسائل إذن ما الذى يؤرقنى؟ لا ليس الإنجاب بمشكله فقد قررنا تأجيل الإنجاب لفتره من الزمن،
عند تخرجى من الجامعه و بداية التحاقى بالعمل، تعرفت على شاب يكبرنى بعامين، إنجذابنا لبعضنا البعض كان سريعاً للغايه .. احببته حب الجنون .. بنيت معه فى خيالنا كل حياتنا سوياً .. كان إنسان رائع بكل المقاييس، كان يستطيع أن يعرف ما يدور بعقلى دون أن أتكلم و يتعامل معه .. ببساطه كان الإنسان المثالى،
ها هى كلمة "لكن" التى تنتظرها، كان مشكلته الوحيده مستواه المادى (ليس الاجتماعى)، فقد كان يستلزم زواجنا الانتظار العديد من السنوات، أو التضحيه بتخفيض مستوى المعيشه عدة درجات، كان هو على استعداد لفعل اى شىء فى سبيل أن نستكمل حياتنا سوياً،
خطط و فكر و استدان و فعل كل ما يمكن فعله على الأقل ليأخذ خطوه أولى و تتم خطبتنا رسمياً، و جاء ليقابل أبى فى زياره وديه ليتعرف عليه قبل أن تتبعها الزياره الرسميه التى سيصطحب أهله بها،
كان رد أبى قاطعاً حازماً .. السبب .. أنى لن استطيع ان اعيش فى ذلك المستوى و انه يريد أن يضمن سعادتى و كل الجمل التى حفظناها من المسلسلات و الافلام،
لكن المشكله ليست فى أبى، المشكله أن وقتها أنى رأيت كلام أبى صائب، فتلك الظروف ستمنعنى من التمتع بالحياه الزوجيه كما أردتها، أو لأكون اكثر دقه .. كما تم وضع قواعدها لكل من هم فى نفس مستواى المادى و الاجتماعى، و رضخت لكلام أبى .. و تركته و رحلت ُمخِلفه لكل الوعود التى وعدتها له،
عندما قابلت زوجى الحالى، كانت لديه كل المقومات التى ستؤمن لى الحياه التى كنت أحلم بها - أو كما تخيلت انى أحلم بها - فاحببته - أو هكذا توهمت -،
بعد عامان من الزواج و بعد أن حققت كل ما طالبنى به المجتمع و اتبعت كل قواعد الزواج المنصوص عليها فى مستواى النادى و الاجتماعى .. انا فى غاية الكآبه و الحزن، و اكتشفت أن قلبى مازال مع الحبيب الأول، مازالت أفكر فيه .. أتخيله يقوم معى بكل شىء تمنيناه سوياً .. أتخيله يشاركنى حياتى .. بل أتخيله فى أكثر اللحظات حميميه مع زوجى!!
لا تلومنى .. لم يكن هذا اختيارى .. لقد اخطأت عندما تصورت أن ما حكى عنه الآخرون من سبل السعاده هو الحقيقه، لم أكن ادرى ان هذا ما سيؤل له حالى، لم أجد السعاده التى صورها لى الجميع .. و الآن انا حائره من أمرى لا أعرف ما هو التصرف الصائب.

لا أعرف ما الذى دفعنى أن أرد عليها رد مختلف عن باقى الرسائل .. و جاء كالآتى:

عزيزتى أ.ص،
إن رسالتك لى لا تعنى سوى شىء واحد .. أنك نادمه على أختيارك، نعم هو أختيارك و ليس خطأ منك، لا تكذبين على نفسك حتى تريحى ضميرك،
انها المعركه الدائره بين ما بين إذا كنا اخترنا أم اخطأنا،
إن الخطأ هو شىء غير مقصود يحدث كحادثه و لكن الاختيارهو عندما نسلك طريق بمحض إرادتنا،
لا ترمى باللوم على الأهل .. لا أحد يتزوج رغماً عنه .. حتى فى الصعيد و القرى ذلك الشىء أصبح شبه معدوم،
لقد اخترتى ان تتخلى عن الشخص الذى تعتبريه نصفك الآخر فى مقابل أن تنعمى بزيجه مشابهه لكل الزيجات فى دائرتك الإجتماعيه، و هذا حقك .. كل إنسان له الحق فى الاختيار ما الأنسب له و ما قد يسبب له السعاده،
لكن أن يكون اختياره مبنى على قناعته .. لا أن يختار بناء على اختيار الآخرين .. ثم يعود ليشكو انه لم يجد السعاده المنتظره .. فهذا ليس طلب لوجبة فى إحدى مطاعم الوجبات السريعه جائت جودتها غير مطابقه للإعلان فأنت الآن تشكو من الغش التجارى!!
فلتتحملى نتيجة اختيارك .. فمحور الحياه يدور حول الاختيار و تحمل كل منا لنتيجة اختيارته.
                                                                                     مع تحياتى ......