الثلاثاء، 24 يونيو 2014

المحاكمه

"محكمه !! "

دوى النداء عالياً ليتردد فى القاعه ليتوقف جميع الحاضرون عن مناقشتهم الحاميه و يقف الجميع احتراماً لهيبة القضاء،

بمجرد استقرار القاضى و مستشاريه فى امكانهم عاود الجميع الجلوس فى هدوء خشية خدش الهيبة السائده بالمكان،

أخذ القاضى يقلب فى الاوراق سريعاً و الجميع فى قلق و ترقب يجولون ببصرهم بينه و بين المتهم الذى يقف خلف القضبان بلا اى تعبيرات تدل على حالته النفسيه،

رفع القاضى َنظره ليلقى نظره أخيره على القاعه و التى تمتلىء بجميع فئات و اصناف المجتمع ثم خاطب حاجب المحكمه دون النظر اليه قائلاً:
  - فلتنادى على القضيه
صاح الحاجب بصوته العالى قائلاً:
 - قضيه "الازدواج" .. المقدمه من "المبادىء" ضد "البشر" 
نظر القاضى يساره قائلاً:
 - ممثل الإدعاء يتفضل
نهض ممثل الإدعاء من مجلسه .. ترتسم على وجهه إمارات الصرامه .. قائلاً فى صوت قوى حازم:
 - حاضر بالنيابه عن المبادىء
 - فليتفضل ممثل الإدعاء بعرض دعوته

التقط نفس عميق و شد من قامته قائلاً:
 - سيدى القاضى .. حضرات المستشارين .. إن القضيه المعروضه امام عدالتكم تُعد من اهم القضايا التى تهدد "المبادىء"
انها الازدواجيه التى يمتنهنا "البشر" فى افكارهم و افعالهم .. إن "البشر" سيدى القاضى لا يكفون عن اتهام بعضهم البعض .. ثم يرتكبون بعدها كل ما هو منافى لمبادئهم .. يتهمون بعضهم بإنعدام النظافه ثم يلقون بمهملات صغيره بحجة انها لن تكون ذات تأثير .. يتهمون بعضهم بالكذب .. ثم يكذبون كذبات صغيره بحجة انها لتفادى المشكلات او كما يطلقون عليها "كذبه بيضاء !!" .. يتهمون بعضهم بالنميمه و هم لا ينفكوا عن تدوال أخبار غيرهم وانتقادهم و جعل اسرارهم مشاعاً للتسليه .. يلعنون من لا يحترموا القوانين و هم يخرقون القانون عدد مرات لا تحصى على مدار يومهم .. يكفرون بعضهم البعض و هم بعيدين كل البعد عن جوهر الدين الصحيح و منساقون خلف الدين الظاهرى واهمين انفسهم بأن حمل الكتب المقدسه و اداء الصلوات كاف ليفوزوا بنعيم الجنه و ان هذا اقصى ما فى طاقتهم .. يطلقون الاحكام على بعضهم لمجرد ان غيرهم يفعل تماماً ما يفعلون علانية لكنهم يفعلونه فى الخفاء، مبررين لأنفسهم هذا  بانهم واثقين من انفسهم و يعوا ما هم فاعلون

ثم توقف لثانيه لالتقاط انفاسه او ربما ليرى رد الفعل على الوجوه الحاضره التى بدأ يصيبها الحنق .. ثم اكمل قائلاً:
 - إن كل ما سبق سيدى القاضى كان الهدف منه توضيح الصوره و إنارة عدالة المحكمه للجُرم المرتكب على ايدى "البشر" .. هذا الجُرم الذى ادى الى تعاليهم على بعضهم البعض .. ادى الى تخليهم عن مبادئهم التى يعتنقوها فى افكارهم و تعاملاتهم .. تخلوا عن جزء صغير منها فاصبحوا كمن ينتقى من الكعكه الجزء الذى يستهويه فقط و يترك الباقى .. و هذه جريمه لا تغتفر .. حيث ان "المبدأ" كتله واحده لا تتجزأ و لا يجوزالعمل بما يناسبنا منها و ترك ما هو عسير علينا .. و ابشع ما بالامر هو اتهامهم لبعضهم بينما هم المجرمون .. لذا فأنى اطالب بتوقيع اقصى عقوبه على كل من تسول له نفسه بممارسة ازدواجية المبدأ.. فالمبادىء بريئه من هذا التصرف البشرى براءة الذئب من دم ابن يعقوب .. و اود ان اختم كلمتى بالقول الأشهر "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا" .. شكراً سيدى القاضى

ساد التوتر و الاستنكار القاعه و تعالى صوت الهمهات فيما بين الحاضرين ليضرب القاضى بمطرقته الخشبيه فى قوه مصيحاً:
 - هدوووء ايها الساده !!
ساد الهدوء المكان مره اخرى .. فنظر القاضى امامه قائلاً:
 - ممثل الدفاع يتفضل

نهض من مجلسه فى هدوء مرتسماً على شفتيه ابتسامه تجمع بين الخبث و السخريه .. اقترب قليلاً من منصة القضاه ليبدأ حديثه قائلاً:
 - التمس من هيئة المحكمه الموقره سعة صدرها و حكمتها لسماع مرافعتى المتواضع للرد على ما جاء فى دعوة الزميل المبجل ممثل الإدعاء
اومأ القاضى له بان يتفضل، رفع يده فى حركه مسرحيه رافعاً عقيرته قائلاً:
 - سيدى القاضى .. حضارة المستشارين .. ما هو المبدأ؟ هل هو قانون؟ هل هو عُرف؟ هل هو حكم من احكام الدين؟
الإجابه ستكون لا .. المبدأ لا يقع تحت اى من هذه البنود .. إن المبدأ هو فكر و تصرف .. يتبعه الإنسان كى يسير به اموره الحياتيه .. هذا يعنى انه لا قواعد له .. لا يوجد تعريف موحد للمبدأ الواحد .. بل لكل إنسان مبدأ او مجموعة مبادىء خاصه به تصلح لحياته .. و قد تصلح او لا تصلح للآخرين
إن بعض الأمثله التى عرضها زميلى المحترم لا تعنى عدم التزام "البشر" بالمبادىء .. لكن ظروف الحياه هى التى فرضتها عليهم .. و بناء عليها يتم تطويع و تعديل تلك المبادىء لتتناسب مع تلك الظروف

ثم التف ليواجه الحاضرين .. مزيداً من الحماسه فى صوته قائلاً:
 - هل يعقل انهم يريدون العيش بين المهملات .. بالطبع لا .. لكن عدم توافر السبل للتخلص منها هو ما منعهم من التخلص منها بالشكل الصحيح .. هل يريدون ان يعيشوا حياه مليئه بالكذب .. بالطبع لا .. لكن صعوبة الموقف و حرصهم على مشاعر بعضهم هو ما دفعهم لذلك .. هل معرفتهم بأخبار بعضهم البعض يعد جريمه .. انهم لا يسعون الى إذاء بعضهم البعض لكن يسعون الى الإطمئنان على احوال بعضهم البعض .. هل تمسكهم برومز دينهم يعتبر كفر و بُعد عن الدين .. اليس هذا التمسك ربما يكون طريقهم الى مزيد من الهدايه و التقرب من دينهم بدلاً من أن يظلوا فى ضلال مبين .. هل يجب عليهم إشهار اخطائهم كى يتساوا مع بقية الخاطئيين .. اليسوا بشر و معرضين للخطأ .. لكنه فضلوا الا يرتكبوه علانية عسى أن يؤذوا به آخرين

التفت مره اخرى للقاضى و اكمل فى صوت خاشع:
 - إن "البشر" سيدى القاضى ليسوا بملائكه معصومه من الخطأ .. فالأجدر ان يتم تركهم ليسهلوا على انفسهم حياتهم حتى ينعموا براحة البال .. عسى أن تهديهم الى الطريق المبين .. شكراً سيدى القاضى

اتجه فى خطوات بطيئه الى مجلسه .. تتباعه عينان ممثل الإدعاء فى كراهيه .. بينما كانت خطواته البطيئه تزيد من الراحه التى سادت وجوه الحاضرين

تشاور القاضى لدقيقتين مع مستشاريه ثم تنحنح قائلاً:
 - يتم تأجيل الدعوه حتى انتهاء "الحياه" و حتى تتنزه نفس "البشر" عن القواعد الدنيويه
                                           رُفعت الجلسه !!

السبت، 7 يونيو 2014

الإجتماع

خيم الهدوء على الاجواء..الكل يستعد للبدء..الجميع حاضرون،

جاء ثلاثة مندوبين عن "العقل" ..العقل المفكر..العقل الباطن..الذاكره..بالنسبه للعضوين الآخريين حضر مندوب واحد عن كل منهما..مندوب عن "القلب" وآخر عن "الضمير"،

العقل المفكر بجديته و انشغاله الدائم، آثار الإجهاد عليه جراء عمله الذى لا يتوقف، العقل الباطن بهدوئه و غموضه المعتادين، الذاكره بكل ما تحمله من وثائق و صور و غيرها مما يستخدم للتخزين،
القلب بتصرفاته الغير منطقيه..ملىء بكل انواع المشاعر..آثار الجراح العديده التى تعرض لها..جرح وحيد باق لم يلتئم و يبدو انه مازال يعانى من آلامه،
الضمير..لا يسعى لشىء إلا راحته..حساسيته المفرطه تجعله يتوجع بسهوله..لا تعرف إذا كان سبب توتره هو عدم رغبته فى الحضور ام خوفه من ان تضيع راحته،

كالعاده يبدأ العقل المفكر الاجتماع و يكون هو المتحكم فيما سيتم مناقشته، يبدأ الاجتماع قائلاً:
  -إن اجتماعنا اليوم بهدف تحديد موقفنا تجاه فكرة "العادات و التقاليد"...
الضمير سريعاً مقاطعاً:
  -لا داعى للمناقشه..انا بالفعل فى راحه.
ليرد القلب فى خفوت:
  -انا لست مطمئناً لمناقشة تلك الفكره!!
العقل مكملاً فى حزم من اتخذ قراره بعدم التوقف:
  -لقد جائتنى تلك الفكره و عملى يحتم علىّ مناقشتها، فليتفضل العقل الباطن بعرض ما لديه.
يتكلم العقل الباطن بعمق و هدوء:
  -لقد تم زرع مجموعه من الأفكار منذ زمن بعيد، و تم التأكيد على وجوب إتباعها دون    مناقشه أو تفكير..حيث ان تلك الأفكار هى الأفضل لنا و فيها صلاحنا و سعادتنا و اماننا، تم تسميتها "بالعادات و التقاليد".

قامت الذاكره بعرض الوثائق و الصور و المشاهد و المواقف التى تبين كيفية زرع تلك الأفكار و متى تم زرعها و المسؤولون عن زرعها،
تنوعت الاحداث ما بين افكار تم غرسها فى الطفوله..تصرفات من المقربيين من الاهل و الاصدقاء تم طبعها فى العقل الباطن..خلط مغلوط ما بين الاعتقادات الدينيه و تلك الأفكار تسبب فيه المجتمع و المتحدثين باسم الدين و آخرين من ضعاف النفوس عديمى التفكير،

قال العقل المفكر:
  -وجب الآن التفكير فى تلك الأفكار، و تحليلها بدقه، و معرفة ما من تلك الأفكار فيه الصالح لنا و أيها يضرنا.
الضمير فى غضب:
  -أن عواقب ما تفعله و خيمه..فباهتزاز تلك الأفكار ستتسبب فى قلقى و وجعى..و انت تعى تماماً معنى هذا بالنسبه لهذا الجسد..العقل الواعى لن يرحمك!!
أضاف القلب فى إعياء و ألم:
  -هذا صحيح..مناقشة هذا الموضوع مست جرحى الذى لم يلتئم..و إذا استمرت المناقشه فالجرح سيعاود النزيف.

تطلع لهما العقل المفكر و بدا انه على وشك الاستسلام..لكنه أضاف فى تحد:
  -تحاولان إيجاد مبررات سخيفه لاستسلامكما..انتما المتسببان فيما تعانيان..
التفت الى القلب قائلاً:
  -أعرف أن وظيفتك صعبه، فأنت تحتوى على هذا الشىء المسمى بالمشاعر و الذى لا يخضع لأى قواعد و هو شىء لا يستطيع احد منا فهمه..و ها أنت ملىء بالجراح بسببها..لأنك لا تعى الدرس..تكرر اخطائك و تتسبب فى الأوجاع لنا كلنا..يبدو انه كان قرار صائب أن يتم الزج بك فى "قفص" طوال حياتك!!
ثم وجه كلامه للضمير قائلاً:
  -تستخدم سلطتك و سيطرتك على الراحه النفسيه..فترغمنا على إتباع الآخريين دون تفكير..إذا اصابوا ترقص و تغنى فرحاً..إذا اخطأوا تلقى اللوم عليهم لتنعم أنت براحه مزيفه!!
ثم وجه كلامه للجميع قائلاً:
  -إن الوظيفه الأساسيه للعقل هى التفكير..فى كل شىء..ليست مهمته أن يختزن ما يتلقاه و ينفذه..يجب أن يجتهد و يستمع و يبحث ويفكر الى أن يقتنع..فتصبح قناعته مبنيه على أسس قويه راسخه لا تهتز بسهوله كأوراق الشجر عندما تهب عليها رياح المنطق و الآراء المخالفه..

كانت الذاكره فى نفس الوقت تعرض المواقف التى استخدم فيها الضمير سلطته و تصرفات القلب الغير محسوبه فتسببت فى قرارات خاطئه كانت عواقبها التعاسه،

أكمل العقل المفكر قائلاً:
  -هذه الأفكار ليست إلا وهم كبير..حبسنا أنفسنا باختيارنا داخل هذا الوهم..ندافع عنها دفاع أعمى..نخشى الخروج من هذا السجن و البدء فى تحمل نتيجة أفكارنا..نهاجم من يخالفها كى نثبت فشله فنشعر بالنجاح..نجاح خاو..ضعيف..ساذج..يعتمد على فشل الآخريين لا على مجهود شخصى..

تزايد توتر الضمير و إعياء القلب فنظرا الى العقل المفكر فى إسترجاء ليتوقف، أنقذهم تلك الإشارات المتتاليه التى تلقاها مندوبى العقل و التى تعلن عن دخول الجسد فى مرحلة النعاس،
ابتسم العقل الباطن فى جذل حيث أن بالنسبه له سيبدأ وقت العبث بالأحلام..قال الضمير فى شماته:
  -فلتودع الآن النوم الهادىء بعد أن اقلقت راحتى
لم يرد القلب لكنه رحب بالانصراف لينعم ببعض الراحه و لعله يجد فى الأحلام بعض السعاده،
استوقفهما العقل المفكر قائلاً:
  -المناقشه لم تنتهى..لنا لقاء آخر..

                                                يتبع...






الأحد، 1 يونيو 2014

ماذا سيكون إختيارك؟

وقف أمام المرآه يربط رابطة العنق، يتطلع إلى المرآه..فلا يرى إنعكاس صورته .. يرى شريط من الأحداث يمر أمام عينيه،

ها هو ذا يستعد للذهاب لأداء واجب العزاء و بعد إنتهائه سيتوجه ليحضر حفل زفاف،
كِلا الحدثين لاثنين من اصدقائه..صدفه وارد حدوثها بدرجه ليست قليله، لكن ليس هذا ما كان يشغل باله،

لقد عاش مع الصديقين منذ طفولته، لم يكن كلاهما على معرفه بالآخر، لكن المشترك بينهما كان ظروف معيشتهما،
أسره مفككه .. موارد ماليه ضعيفه .. تعليم ردىء المستوى .. يتخبطان فى دروب الحياه 
دون خريطه أو بوصله ترشدهما،

كبرا كلاهما و دخلا فى مرحلة المراهقه .. مرحلة التعلم .. مرحلة الفضول و التجربه،
قام كلاهما بتجربة السجائر .. اختطف كلاهما لحظات متعه مسروقه مع فتاه .. تهربا من المدرسه أو من الدروس الخصوصيه .. ثم عندما كبرا قليلاً .. جربا "الحشيش" و "البانجو" و "البيره" .. حصل كلاهما على مجموع منخفض فى "الثانويه العامه" لا يؤهلهما للالتحاق بإحدى "كليات القمه" عسى أن تغير من ظروفهما بعد التخرج بالالتحاق باحدى الوظائف التى تدر عليهما دخلاً جيداً،

تضافر أقارب و اصدقاء كلاهما و تعهدوا بتحمل مصروفات تعليمهما بإحدى الكليات الخاصه ذات المصروفات القليله نسبياً،
حتى تلك اللحظه كانت حياتهما كقضبان القطار .. تسيران على خط واحد لا يتغير .. تتشابه و لا تتشابك،

بدأ الاول بالاهتمام بالدراسه (على رغم من رداءة مستواها) و استغل تلك الفرصه التى اُتيحت له،
الثانى اهمل الدراسه تماماً .. و انبهر بعالم آخر .. المخدرات .. التسكع فى الشوارع .. بائعات المتعه المحرمه .. حياه بلا قيود او قوانين،

مع نهاية العام الدراسى الأول و بداية الاجازه الصيفيه، قرر الأول البحث عن عمل يدر عليه اى نوع من الدخل، و كان هذا العمل ان يكون نادلاً بإحدى الفنادق .. لم يتردد و اخذ العمل بكل جديه و برع فيه و حقق مبلغ معقول من المرتب زائد البقشيش،
الثانى غاص اكثر و اكثر فى عالمه .. و اصبحت المخدرات فى حياته لا تقل اهميه عن الطعام و الشراب، قام بتحصيل بعض المبالغ كعمولات لتوسطه بين بائع و شارً و بالطبع كان مصير تلك النقود المخدرات و متطلباتها،

و استمر الحال على هذا المنوال .. الاول يهتم بدراسته .. يلتحق بأعمال مختلفه فى الاجازات .. يحسن من مستواه المادى .. يزيد من خبراته .. يدفن الماضى الأليم تحت أرض نجاحه،
الثانى أحرز تقدماً فى عالمه .. تطور من تعاطى "الحشيش" و "البانجو" إلى الأقراص المخدره (المعروفه بالكيميا .. برشام .. ترامادول) و لأن التطور هو طبيعة الحياه فاتجه إلى تعاطى الهيروين (المعروف بالبودره .. البيسه)، و لتغطية تكاليف هذا المخدر الباهظ الثمن اتجه الى الاتجار قليلاً فى "الحشيش" و "البانجو"،

تخرج الأول من الكليه بتقدير "امتياز" .. اندمج مع مجموعه من الاصدقاء المماثلين له .. و التحق كل منهم بعمل بسهوله نظراً للخبره التى حصلوها على مدار سنوات الدراسه،
الثانى كان يجهل فى اى عام دراسى هو الآن .. بالطبع مصروفات الكليه كانت تتجه الى تجاره المخدرات الصغيره التى بدأها و لتغطية تكاليف المخدر الجديد،

تحسنت احوال الأول و اجتهد و تعب و تخبط و انتظم حتى استطاع ان يحتل منصب جيد بإحدى الشركات الكبرى،
الثانى لاحظ الأقارب و الاصدقاء تدهور احواله، تضافروا مره أخرى لانتشاله من بئر الضياع و ألحقوه باحدى مصحات معالجة الإدمان و تكفلوا بمصروفات العلاج، و بعد خروجه قام الأقارب بدفع المصروفات المتأخره ليكمل دراسته و ووجدوا له عملاً بسيطاً يشغل وقته و يبعده عن المخدرات،

تعرف الاول على فتاه و احبها و قرر الارتباط بها، قدرت الفتاه ظروفه و دعمته حتى تتحسن الأحوال حتى يصبح قادراً على تحمل اعباء الزواج،
الثانى بدأت حياته فى الانتظام و التحسن وسط دعم الاصدقاء و الأقارب، و مع بداية تحصيله لأول نقود اتجه الى تعاطى الهيروين مره أخرى،

استطاع الاول ان يبدأ مشروع صغير مع اصدقائه و نجح المشروع و استطاع شراء شقه متواضعه لتكون عش الزوجيه،
للمره الثالثه مد الأقارب و الاصدقاء يد المساعده للثانى و الحقوه بمصحه الادمان مره اخرى و بعد خروجه ششدوا عليه الحصار حتى تخرج من الجامعه و اصبح بمقدوره الالتحاق بوظيفه،

تقدم الاول لخطبة الفتاه و بعد مفاوضات و مناوشات مع أهلها و بعد ان قاموا باعتصاره وافقوا على الخطبه،
التحق الثانى بوظيفه متواضعه .. اصبح حراً من المساعدات .. نقوده ملكه .. فسارع بالعوده الى تعاطى الهيروين،

حدد الأول موعد للزفاف و انتهى من كل ترتيبات الزواج، و ترقى فى عمله و تحسن دخله بشكل ملحوظ،
كان الثانى فى طريقه للعوده بعد شراء المخدر .. ليفاجىء هو و من معه بإحدى كمائن الشرطه .. بعد تفتيشهم و عثور الشرطه على المخدرات .. قرر الضابط حبسهم بتهمة التعاطى كى يتعلموا الدرس،

تلقى مكالمتين متتالتين .. الاولى من صديقه الاول يدعوه لحضور حفل الزفاف .. الثانيه من أقارب الثانى يستنجدون به لإنقاذه،
كان الثانى يعانى من اعراض انسحاب المخدر من جسده .. يضرب الألم ظهره بلا رحمه .. ترتجف اعضائه .. العرق يغمر جسده .. يود تحطيم رأسه التى تصرخ من الألم،
استطاع احد اصدقائه تسريب جرعه له من المخدر .. تعاطاها كلها دفعه واحده .. فمات فوراً بداخل الحجز بقسم الشرطه،

يشاء القدر ان يصادف يوم عزاء الثانى هو يوم زفاف الاول .. حياه انتهت و اخرى تبدأ،

لقد جاء كلاهما من نفس المسار .. لكن إحداهما اختار استغلال الفرصه و الآخر اختار التخلى عنها،
أن الاختيار هو الاختبار الأصعب فى الحياه .. بل هو اساس الحياه .. فانت تشكل حياتك تبعاً لاختيارتك،
لا يجب أن نلقى اللوم على الظروف .. الأشخاص .. القدر .. أن مكان اللوم الصحيح هو اختيارتنا و انفسنا،
دوماً نسعى لأن يختار لنا آخرون .. فنلقى اللوم عليهم إن اخطئوا .. و نفرح إن اصابوا،

الشىء الوحيد الذى يقف فى طريق اختيارتك ..هو نفسك .. فلتتحمل عواقب اختيارتك،

غادر المنزل و فى اتجاهه الى العزاء و عقله يطرح سؤال واحد...
ماذا سيكون إختيارك؟

==============================================
تلك الأحداث بعضها حقيقى و بعضها خيالى، لك القرار فى تحديد ما الاحداث الحقيقيه و ما الاحداث الخياليه...
ماذا سيكون إختيارك؟