الأحد، 25 مايو 2014

النتيجه النهائيه

"مش مهم الخطوات..كده كده هما بيبصوا على النتيجه النهائيه"

اعتدنا ترديد تلك المقوله على مدار سنوات دراستنا..عملنا بها..فاصبحنا نسعى فقط لإيجاد الناتج الصحيح بغض النظر عن الخطوات المؤديه له طامعين فى تحصيل درجة النجاح،

و الآن نطبق نفس المبدأ على حياتنا..النتيجه النهائيه التى نسعى لها هى إيجاد السعاده فى تلك السنوات التى نعيشها على ظهر تلك الأرض،
حسناً..هذا هدف جميل للسعى اليه و تحقيقه..يبقى السؤال هو كيفية الحصول على تلك "السعاده"،

ها هو تلميذ مجتهد رفع يده فوراَ و على أتم إستعداد للإجابه -بالطبع هو نفس الطالب الذى حفظ كل المناهج و دوما يحتل المقعد الأمامى فى الفصل- فلنستمع له:
"أن تتفوق فى دراستك..تلتحق بإحدى كليات القمه..فتجد وظيفه مرموقه تدر عليك دخلاً جيداً..تتزوج من شخصيه محترمه متدينه..تنجب أطفال..تحسن تربيتهم و تعليمهم..يتزوج اولادك..تنتظرأحفادك..تتسلى باللعب و اللهو معهم و تكثر من العباده و أنت فى إنتظار النهايه"
إجابه نموذجيه لن يتردد المجتمع فى إعطائك الدرجه النهائيه عليها او على اسوأ التقدير ستنقص نصف درجه لسوء خطك،
طالبه ترفع يدها..العنصر النسائى الرقيق الحالم..تبدأ فى الإجابه -و تتخيل اصوات العصافير تزقزق من حولها-:
"أن تجد شريك حياتك..تعيشان سوياً فى حب و رومانسيه..تنجبان ولد يشبه والده و بنت تشبه أمها..و عندما تشيخان..يتطلع لكم الآخرون..تسيران على شاطىء البحر متشابكين الآيدى"
تنطلق التنهيدات و الآهات من صدور أهل العشق و الهوى مع الخلفيه الموسيقيه بصوت أم كلثوم "يا سلام عالدنيا و حلاوتها بين العشاق.."


دوماَ البحث عن السعاده فى صورة كتله واحده، فى معظم الأحوال تتكون من المال..الزواج..الإنجاب،
بالطبع هناك طبقتان من المجتمع لا ينطبق عليهما تلك الإجابات..طبقه منذ لحظة ميلادها و المال ليس هدفاً لتوافره بكثره مفرطه و بالتالى فالزواج و الإنجاب أمرهما سهل،
الطبقه الأخرى هى الطبقه التى تتعب و تكد فقط للحصول على الطعام و المأوى و التى يكون فى بعض الأحيان العلاج من الأمراض رفاهيه غير متاحه لأمثالهم..لقد دُهست أحلام و طموحات و آمال تلك الطبقه بالحذاء الفخم القوى لكل سارق و كل مسعورين السلطه..يعيشون فى رضا لحالهم فى إنتظار الخلاص من تلك الحياه..يمنعهم من الإنتحار حرمانيته،

"ما هذا!! بالطبع انت مخطىء!! نحن احلامنا تختلف عن هذا!!
سيكون زفافنا مختلف عن الزفاف التقليدى او ربما لن يكون هناك زفاف من الأساس..سنستمتع بالسفر حول العالم..و نحن نسعى دوماً للنجاح و التجديد فى مجال عملنا..ثم ما الذى يعيب  حلمنا بأن نتملك منزل فخم فى إحدى المجمعات السكنيه!!"
لقد جاء الرد أخيراً من الطالب المتمرد..المختلف..الذى لمس العديد من الطبقات المجتمعيه..الذى يطالب بالحريه و التغيير،

مازال يبحث عن الكتله..لكن بشكل مختلف..يمزج بين حياته فى مجتمع شرقى و الحلم الأمريكى بالمنزل و الأولاد و الكلب الذى يقتنيه،
الحقنه الموصوفه للسعاده..تلقاها فى وريد احلامه..فامتزجت بدمائه لتتشبع بها أفكاره،

سؤال: من يعرف حلمه؟ من على يقين أن كل هذه الأحلام هى التى ستسبب السعاده؟ كم عدد من يعملون بأعمال هى شغفهم فى الحياه و ليس بهدف المال و المظهر الإجتماعى؟
صمت يسود المكان..نظرات حائره..أصوات التنفس تعلو معبره عن حنق من عدم معرفة الرد..
الطالب المتمرد: هذه هى احلامنا..و إذا حققناها فسنشعر بالسعاده..
سؤال: هل هذه بالفعل احلامك؟ ام هذا ما حققه الآخرون ؟ رأيت انهم سعداء فققرت ان تسلك نفس الطريق؟ هل انت واثق ان طريق الآخرون من السعداء هو الطربق المناسب لك؟
إنك كمن سافر للسياحه فى إحدى الدول "المتقدمه" و انبهر بكل ما رأى و اقتنع بكل تأكيد ان هذا الشعب يعيش حياه سعيده هانئه،
لكنك لم تجرب ان تعيش معهم..تعيش مشاكلهم..تعيش حياتهم،

لا تحكم على سعادتك و أحلامك بأن تكون مماثله لآخرين..لا تبحث عن السعاده كتله واحده، لأنك و بكل تأكيد ستفوت كل اللحظات السعيده و عيناك معلقتان بتلك الكتله تتطلع لها فى حلم ممزوج بالتمنى و الإرهاق و اليأس،
فلنتستمتع بكل لحظه تمر بها..بكل وقت نقضيه مع اهلنا او اصدقائنا حتى لو كان مكرر..بكل ما نفعله فى يومنا حتى لو كان ملىء بالمشاكل،
فلنتوقف عن البحث عن سعاده تشبه سعادة الآخرين..و نبحث عن سعادتنا الشخصيه..توقف عن الاعتماد على انتظار شخص او حدث او مال ليسبب لك السعاده..ابحث عنها..تعود ان تحقق السعاده لنفسك بنفسك..حتى لو كانت سعادتك مماثله لآخرين..المهم ان تكون باختيارك،

لا تشغل بالك بالإجابه النموذجيه..اتبع الخطوات المؤديه..فترضى عن واحده و تشطب اخرى..تفرح لواحده و تحزن لاخرى..تضحك لواحده و تبكى لاخرى..ثم تأتى الحياه لتقيم إجابتك..تعطيك درجه على كل خطوه..صحيحه او خاطئه..فتتجاوز درجاتك الدرجه النهائيه..غير مباليه بالتقييم المجتمعى البشرى الذى يعتمد على "النتيجه النهائيه".

هناك 11 تعليقًا:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  3. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  4. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  5. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف