الأحد، 1 يونيو 2014

ماذا سيكون إختيارك؟

وقف أمام المرآه يربط رابطة العنق، يتطلع إلى المرآه..فلا يرى إنعكاس صورته .. يرى شريط من الأحداث يمر أمام عينيه،

ها هو ذا يستعد للذهاب لأداء واجب العزاء و بعد إنتهائه سيتوجه ليحضر حفل زفاف،
كِلا الحدثين لاثنين من اصدقائه..صدفه وارد حدوثها بدرجه ليست قليله، لكن ليس هذا ما كان يشغل باله،

لقد عاش مع الصديقين منذ طفولته، لم يكن كلاهما على معرفه بالآخر، لكن المشترك بينهما كان ظروف معيشتهما،
أسره مفككه .. موارد ماليه ضعيفه .. تعليم ردىء المستوى .. يتخبطان فى دروب الحياه 
دون خريطه أو بوصله ترشدهما،

كبرا كلاهما و دخلا فى مرحلة المراهقه .. مرحلة التعلم .. مرحلة الفضول و التجربه،
قام كلاهما بتجربة السجائر .. اختطف كلاهما لحظات متعه مسروقه مع فتاه .. تهربا من المدرسه أو من الدروس الخصوصيه .. ثم عندما كبرا قليلاً .. جربا "الحشيش" و "البانجو" و "البيره" .. حصل كلاهما على مجموع منخفض فى "الثانويه العامه" لا يؤهلهما للالتحاق بإحدى "كليات القمه" عسى أن تغير من ظروفهما بعد التخرج بالالتحاق باحدى الوظائف التى تدر عليهما دخلاً جيداً،

تضافر أقارب و اصدقاء كلاهما و تعهدوا بتحمل مصروفات تعليمهما بإحدى الكليات الخاصه ذات المصروفات القليله نسبياً،
حتى تلك اللحظه كانت حياتهما كقضبان القطار .. تسيران على خط واحد لا يتغير .. تتشابه و لا تتشابك،

بدأ الاول بالاهتمام بالدراسه (على رغم من رداءة مستواها) و استغل تلك الفرصه التى اُتيحت له،
الثانى اهمل الدراسه تماماً .. و انبهر بعالم آخر .. المخدرات .. التسكع فى الشوارع .. بائعات المتعه المحرمه .. حياه بلا قيود او قوانين،

مع نهاية العام الدراسى الأول و بداية الاجازه الصيفيه، قرر الأول البحث عن عمل يدر عليه اى نوع من الدخل، و كان هذا العمل ان يكون نادلاً بإحدى الفنادق .. لم يتردد و اخذ العمل بكل جديه و برع فيه و حقق مبلغ معقول من المرتب زائد البقشيش،
الثانى غاص اكثر و اكثر فى عالمه .. و اصبحت المخدرات فى حياته لا تقل اهميه عن الطعام و الشراب، قام بتحصيل بعض المبالغ كعمولات لتوسطه بين بائع و شارً و بالطبع كان مصير تلك النقود المخدرات و متطلباتها،

و استمر الحال على هذا المنوال .. الاول يهتم بدراسته .. يلتحق بأعمال مختلفه فى الاجازات .. يحسن من مستواه المادى .. يزيد من خبراته .. يدفن الماضى الأليم تحت أرض نجاحه،
الثانى أحرز تقدماً فى عالمه .. تطور من تعاطى "الحشيش" و "البانجو" إلى الأقراص المخدره (المعروفه بالكيميا .. برشام .. ترامادول) و لأن التطور هو طبيعة الحياه فاتجه إلى تعاطى الهيروين (المعروف بالبودره .. البيسه)، و لتغطية تكاليف هذا المخدر الباهظ الثمن اتجه الى الاتجار قليلاً فى "الحشيش" و "البانجو"،

تخرج الأول من الكليه بتقدير "امتياز" .. اندمج مع مجموعه من الاصدقاء المماثلين له .. و التحق كل منهم بعمل بسهوله نظراً للخبره التى حصلوها على مدار سنوات الدراسه،
الثانى كان يجهل فى اى عام دراسى هو الآن .. بالطبع مصروفات الكليه كانت تتجه الى تجاره المخدرات الصغيره التى بدأها و لتغطية تكاليف المخدر الجديد،

تحسنت احوال الأول و اجتهد و تعب و تخبط و انتظم حتى استطاع ان يحتل منصب جيد بإحدى الشركات الكبرى،
الثانى لاحظ الأقارب و الاصدقاء تدهور احواله، تضافروا مره أخرى لانتشاله من بئر الضياع و ألحقوه باحدى مصحات معالجة الإدمان و تكفلوا بمصروفات العلاج، و بعد خروجه قام الأقارب بدفع المصروفات المتأخره ليكمل دراسته و ووجدوا له عملاً بسيطاً يشغل وقته و يبعده عن المخدرات،

تعرف الاول على فتاه و احبها و قرر الارتباط بها، قدرت الفتاه ظروفه و دعمته حتى تتحسن الأحوال حتى يصبح قادراً على تحمل اعباء الزواج،
الثانى بدأت حياته فى الانتظام و التحسن وسط دعم الاصدقاء و الأقارب، و مع بداية تحصيله لأول نقود اتجه الى تعاطى الهيروين مره أخرى،

استطاع الاول ان يبدأ مشروع صغير مع اصدقائه و نجح المشروع و استطاع شراء شقه متواضعه لتكون عش الزوجيه،
للمره الثالثه مد الأقارب و الاصدقاء يد المساعده للثانى و الحقوه بمصحه الادمان مره اخرى و بعد خروجه ششدوا عليه الحصار حتى تخرج من الجامعه و اصبح بمقدوره الالتحاق بوظيفه،

تقدم الاول لخطبة الفتاه و بعد مفاوضات و مناوشات مع أهلها و بعد ان قاموا باعتصاره وافقوا على الخطبه،
التحق الثانى بوظيفه متواضعه .. اصبح حراً من المساعدات .. نقوده ملكه .. فسارع بالعوده الى تعاطى الهيروين،

حدد الأول موعد للزفاف و انتهى من كل ترتيبات الزواج، و ترقى فى عمله و تحسن دخله بشكل ملحوظ،
كان الثانى فى طريقه للعوده بعد شراء المخدر .. ليفاجىء هو و من معه بإحدى كمائن الشرطه .. بعد تفتيشهم و عثور الشرطه على المخدرات .. قرر الضابط حبسهم بتهمة التعاطى كى يتعلموا الدرس،

تلقى مكالمتين متتالتين .. الاولى من صديقه الاول يدعوه لحضور حفل الزفاف .. الثانيه من أقارب الثانى يستنجدون به لإنقاذه،
كان الثانى يعانى من اعراض انسحاب المخدر من جسده .. يضرب الألم ظهره بلا رحمه .. ترتجف اعضائه .. العرق يغمر جسده .. يود تحطيم رأسه التى تصرخ من الألم،
استطاع احد اصدقائه تسريب جرعه له من المخدر .. تعاطاها كلها دفعه واحده .. فمات فوراً بداخل الحجز بقسم الشرطه،

يشاء القدر ان يصادف يوم عزاء الثانى هو يوم زفاف الاول .. حياه انتهت و اخرى تبدأ،

لقد جاء كلاهما من نفس المسار .. لكن إحداهما اختار استغلال الفرصه و الآخر اختار التخلى عنها،
أن الاختيار هو الاختبار الأصعب فى الحياه .. بل هو اساس الحياه .. فانت تشكل حياتك تبعاً لاختيارتك،
لا يجب أن نلقى اللوم على الظروف .. الأشخاص .. القدر .. أن مكان اللوم الصحيح هو اختيارتنا و انفسنا،
دوماً نسعى لأن يختار لنا آخرون .. فنلقى اللوم عليهم إن اخطئوا .. و نفرح إن اصابوا،

الشىء الوحيد الذى يقف فى طريق اختيارتك ..هو نفسك .. فلتتحمل عواقب اختيارتك،

غادر المنزل و فى اتجاهه الى العزاء و عقله يطرح سؤال واحد...
ماذا سيكون إختيارك؟

==============================================
تلك الأحداث بعضها حقيقى و بعضها خيالى، لك القرار فى تحديد ما الاحداث الحقيقيه و ما الاحداث الخياليه...
ماذا سيكون إختيارك؟

هناك تعليقان (2):

  1. الفكرة مش جديدة بس استخدامك ليها هو اللى حلو
    الايقاع السريع فى تقديمها + عدم الفزلكة والبساطة خلاها واقعية وسلسلة وحلوة فى نفس الوقت
    عجبتنى جداً
    واقعية فكرة الاختيار اللى كلنا بنهرب منها عرفت تقدمها من غير ما تخلى حد يحس ولا يلحق يعارضك
    حبيتها رغم افلاطونيتها :D

    ردحذف
    الردود
    1. متشكرين يا فندم على رأيك و اهتمامك :))

      حذف