السبت، 7 يونيو 2014

الإجتماع

خيم الهدوء على الاجواء..الكل يستعد للبدء..الجميع حاضرون،

جاء ثلاثة مندوبين عن "العقل" ..العقل المفكر..العقل الباطن..الذاكره..بالنسبه للعضوين الآخريين حضر مندوب واحد عن كل منهما..مندوب عن "القلب" وآخر عن "الضمير"،

العقل المفكر بجديته و انشغاله الدائم، آثار الإجهاد عليه جراء عمله الذى لا يتوقف، العقل الباطن بهدوئه و غموضه المعتادين، الذاكره بكل ما تحمله من وثائق و صور و غيرها مما يستخدم للتخزين،
القلب بتصرفاته الغير منطقيه..ملىء بكل انواع المشاعر..آثار الجراح العديده التى تعرض لها..جرح وحيد باق لم يلتئم و يبدو انه مازال يعانى من آلامه،
الضمير..لا يسعى لشىء إلا راحته..حساسيته المفرطه تجعله يتوجع بسهوله..لا تعرف إذا كان سبب توتره هو عدم رغبته فى الحضور ام خوفه من ان تضيع راحته،

كالعاده يبدأ العقل المفكر الاجتماع و يكون هو المتحكم فيما سيتم مناقشته، يبدأ الاجتماع قائلاً:
  -إن اجتماعنا اليوم بهدف تحديد موقفنا تجاه فكرة "العادات و التقاليد"...
الضمير سريعاً مقاطعاً:
  -لا داعى للمناقشه..انا بالفعل فى راحه.
ليرد القلب فى خفوت:
  -انا لست مطمئناً لمناقشة تلك الفكره!!
العقل مكملاً فى حزم من اتخذ قراره بعدم التوقف:
  -لقد جائتنى تلك الفكره و عملى يحتم علىّ مناقشتها، فليتفضل العقل الباطن بعرض ما لديه.
يتكلم العقل الباطن بعمق و هدوء:
  -لقد تم زرع مجموعه من الأفكار منذ زمن بعيد، و تم التأكيد على وجوب إتباعها دون    مناقشه أو تفكير..حيث ان تلك الأفكار هى الأفضل لنا و فيها صلاحنا و سعادتنا و اماننا، تم تسميتها "بالعادات و التقاليد".

قامت الذاكره بعرض الوثائق و الصور و المشاهد و المواقف التى تبين كيفية زرع تلك الأفكار و متى تم زرعها و المسؤولون عن زرعها،
تنوعت الاحداث ما بين افكار تم غرسها فى الطفوله..تصرفات من المقربيين من الاهل و الاصدقاء تم طبعها فى العقل الباطن..خلط مغلوط ما بين الاعتقادات الدينيه و تلك الأفكار تسبب فيه المجتمع و المتحدثين باسم الدين و آخرين من ضعاف النفوس عديمى التفكير،

قال العقل المفكر:
  -وجب الآن التفكير فى تلك الأفكار، و تحليلها بدقه، و معرفة ما من تلك الأفكار فيه الصالح لنا و أيها يضرنا.
الضمير فى غضب:
  -أن عواقب ما تفعله و خيمه..فباهتزاز تلك الأفكار ستتسبب فى قلقى و وجعى..و انت تعى تماماً معنى هذا بالنسبه لهذا الجسد..العقل الواعى لن يرحمك!!
أضاف القلب فى إعياء و ألم:
  -هذا صحيح..مناقشة هذا الموضوع مست جرحى الذى لم يلتئم..و إذا استمرت المناقشه فالجرح سيعاود النزيف.

تطلع لهما العقل المفكر و بدا انه على وشك الاستسلام..لكنه أضاف فى تحد:
  -تحاولان إيجاد مبررات سخيفه لاستسلامكما..انتما المتسببان فيما تعانيان..
التفت الى القلب قائلاً:
  -أعرف أن وظيفتك صعبه، فأنت تحتوى على هذا الشىء المسمى بالمشاعر و الذى لا يخضع لأى قواعد و هو شىء لا يستطيع احد منا فهمه..و ها أنت ملىء بالجراح بسببها..لأنك لا تعى الدرس..تكرر اخطائك و تتسبب فى الأوجاع لنا كلنا..يبدو انه كان قرار صائب أن يتم الزج بك فى "قفص" طوال حياتك!!
ثم وجه كلامه للضمير قائلاً:
  -تستخدم سلطتك و سيطرتك على الراحه النفسيه..فترغمنا على إتباع الآخريين دون تفكير..إذا اصابوا ترقص و تغنى فرحاً..إذا اخطأوا تلقى اللوم عليهم لتنعم أنت براحه مزيفه!!
ثم وجه كلامه للجميع قائلاً:
  -إن الوظيفه الأساسيه للعقل هى التفكير..فى كل شىء..ليست مهمته أن يختزن ما يتلقاه و ينفذه..يجب أن يجتهد و يستمع و يبحث ويفكر الى أن يقتنع..فتصبح قناعته مبنيه على أسس قويه راسخه لا تهتز بسهوله كأوراق الشجر عندما تهب عليها رياح المنطق و الآراء المخالفه..

كانت الذاكره فى نفس الوقت تعرض المواقف التى استخدم فيها الضمير سلطته و تصرفات القلب الغير محسوبه فتسببت فى قرارات خاطئه كانت عواقبها التعاسه،

أكمل العقل المفكر قائلاً:
  -هذه الأفكار ليست إلا وهم كبير..حبسنا أنفسنا باختيارنا داخل هذا الوهم..ندافع عنها دفاع أعمى..نخشى الخروج من هذا السجن و البدء فى تحمل نتيجة أفكارنا..نهاجم من يخالفها كى نثبت فشله فنشعر بالنجاح..نجاح خاو..ضعيف..ساذج..يعتمد على فشل الآخريين لا على مجهود شخصى..

تزايد توتر الضمير و إعياء القلب فنظرا الى العقل المفكر فى إسترجاء ليتوقف، أنقذهم تلك الإشارات المتتاليه التى تلقاها مندوبى العقل و التى تعلن عن دخول الجسد فى مرحلة النعاس،
ابتسم العقل الباطن فى جذل حيث أن بالنسبه له سيبدأ وقت العبث بالأحلام..قال الضمير فى شماته:
  -فلتودع الآن النوم الهادىء بعد أن اقلقت راحتى
لم يرد القلب لكنه رحب بالانصراف لينعم ببعض الراحه و لعله يجد فى الأحلام بعض السعاده،
استوقفهما العقل المفكر قائلاً:
  -المناقشه لم تنتهى..لنا لقاء آخر..

                                                يتبع...






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق