الاثنين، 18 أغسطس 2014

..لقد اخترتى

تثائبت و قمت بفرد ذراعيى فى محاوله لكسب بعض النشاط، فتحت اول بريد إلكترونى فى القائمه لكى ابدأ عملى فى قراءة شكاوى القراء و محاولة الرد عليها بعبارات مكرره و شعارات رنانه ثم دعم و تأكيد كلامى بالاستعانه بالأديان و ضرورة التقرب للخالق، فعملى يشبه ما كان يحدث فى "أريد حلاً" و "بريد الجمعه"، حيث يبعث القراء مشاكلهم الشخصيه و أقوم أنا بدور الواعظ الحكيم، لكن مع التطور اصبح هذا يتم عن طريق "الانترنت" و عن طريق البريد الإلكترونى،

بعد تفقد بعض الرسائل و الرد عليها كنت بدأت اشعر بالملل، لفت نظرى رساله عنوانها "هل أخطأت أم أخترت؟"، شدنى العنوان لتفقدها .. فتحت الرساله فكان نصها كالتالى:

عزيزى ....،
لا اعرف السبب الذى دفعنى كى اكتب اليك، فانا لم افكر من قبل ان اقوم بسرد ما يعتمل بنفسى إلا إلى اقرب المقربون و احيانا لا اسرد شيئاً، ما الذى دفعنى لاكتب لشخص لا اعرفه لاشكو له معاناتى مع نفسى .. لا اعرف .. ربما عندما يزداد ثقل ما تموج به انفسنا و نخشى حكم المقربون و ردود افعالهم نلجأ الى الاغراب كى نستطيع ان نبوح بكل شىء غير مبالين بحكمهم او رد فعلهم لأننا كنا نحتاج فقط ان نبوح،

انا (أ.ص)، ابلغ من العمر ثلاثون عاماً، متزوجهمن رجل يكبرنى بستة أعوام، لم أنجب بعد، اعمل بوظيفه جيده جداً بإحدى الشركات المتعددة الجنسيات، نقطن انا و زوجى بشقه جميله باحدى المنتجعات السكنيه الجديده ذات المستوى الفوق المتوسط،
يتميز زوجى بالطيبه الشديده، بالأخلاق الحسنه، حسن المظهر، من مستوى مادى ميسور، يعمل بوظيفه مرموقه، ربما كان عيبه الوحيد هو بعض العصبيه الزائده لكنها محتمله،
لعلك تتسائل إذن ما الذى يؤرقنى؟ لا ليس الإنجاب بمشكله فقد قررنا تأجيل الإنجاب لفتره من الزمن،
عند تخرجى من الجامعه و بداية التحاقى بالعمل، تعرفت على شاب يكبرنى بعامين، إنجذابنا لبعضنا البعض كان سريعاً للغايه .. احببته حب الجنون .. بنيت معه فى خيالنا كل حياتنا سوياً .. كان إنسان رائع بكل المقاييس، كان يستطيع أن يعرف ما يدور بعقلى دون أن أتكلم و يتعامل معه .. ببساطه كان الإنسان المثالى،
ها هى كلمة "لكن" التى تنتظرها، كان مشكلته الوحيده مستواه المادى (ليس الاجتماعى)، فقد كان يستلزم زواجنا الانتظار العديد من السنوات، أو التضحيه بتخفيض مستوى المعيشه عدة درجات، كان هو على استعداد لفعل اى شىء فى سبيل أن نستكمل حياتنا سوياً،
خطط و فكر و استدان و فعل كل ما يمكن فعله على الأقل ليأخذ خطوه أولى و تتم خطبتنا رسمياً، و جاء ليقابل أبى فى زياره وديه ليتعرف عليه قبل أن تتبعها الزياره الرسميه التى سيصطحب أهله بها،
كان رد أبى قاطعاً حازماً .. السبب .. أنى لن استطيع ان اعيش فى ذلك المستوى و انه يريد أن يضمن سعادتى و كل الجمل التى حفظناها من المسلسلات و الافلام،
لكن المشكله ليست فى أبى، المشكله أن وقتها أنى رأيت كلام أبى صائب، فتلك الظروف ستمنعنى من التمتع بالحياه الزوجيه كما أردتها، أو لأكون اكثر دقه .. كما تم وضع قواعدها لكل من هم فى نفس مستواى المادى و الاجتماعى، و رضخت لكلام أبى .. و تركته و رحلت ُمخِلفه لكل الوعود التى وعدتها له،
عندما قابلت زوجى الحالى، كانت لديه كل المقومات التى ستؤمن لى الحياه التى كنت أحلم بها - أو كما تخيلت انى أحلم بها - فاحببته - أو هكذا توهمت -،
بعد عامان من الزواج و بعد أن حققت كل ما طالبنى به المجتمع و اتبعت كل قواعد الزواج المنصوص عليها فى مستواى النادى و الاجتماعى .. انا فى غاية الكآبه و الحزن، و اكتشفت أن قلبى مازال مع الحبيب الأول، مازالت أفكر فيه .. أتخيله يقوم معى بكل شىء تمنيناه سوياً .. أتخيله يشاركنى حياتى .. بل أتخيله فى أكثر اللحظات حميميه مع زوجى!!
لا تلومنى .. لم يكن هذا اختيارى .. لقد اخطأت عندما تصورت أن ما حكى عنه الآخرون من سبل السعاده هو الحقيقه، لم أكن ادرى ان هذا ما سيؤل له حالى، لم أجد السعاده التى صورها لى الجميع .. و الآن انا حائره من أمرى لا أعرف ما هو التصرف الصائب.

لا أعرف ما الذى دفعنى أن أرد عليها رد مختلف عن باقى الرسائل .. و جاء كالآتى:

عزيزتى أ.ص،
إن رسالتك لى لا تعنى سوى شىء واحد .. أنك نادمه على أختيارك، نعم هو أختيارك و ليس خطأ منك، لا تكذبين على نفسك حتى تريحى ضميرك،
انها المعركه الدائره بين ما بين إذا كنا اخترنا أم اخطأنا،
إن الخطأ هو شىء غير مقصود يحدث كحادثه و لكن الاختيارهو عندما نسلك طريق بمحض إرادتنا،
لا ترمى باللوم على الأهل .. لا أحد يتزوج رغماً عنه .. حتى فى الصعيد و القرى ذلك الشىء أصبح شبه معدوم،
لقد اخترتى ان تتخلى عن الشخص الذى تعتبريه نصفك الآخر فى مقابل أن تنعمى بزيجه مشابهه لكل الزيجات فى دائرتك الإجتماعيه، و هذا حقك .. كل إنسان له الحق فى الاختيار ما الأنسب له و ما قد يسبب له السعاده،
لكن أن يكون اختياره مبنى على قناعته .. لا أن يختار بناء على اختيار الآخرين .. ثم يعود ليشكو انه لم يجد السعاده المنتظره .. فهذا ليس طلب لوجبة فى إحدى مطاعم الوجبات السريعه جائت جودتها غير مطابقه للإعلان فأنت الآن تشكو من الغش التجارى!!
فلتتحملى نتيجة اختيارك .. فمحور الحياه يدور حول الاختيار و تحمل كل منا لنتيجة اختيارته.
                                                                                     مع تحياتى ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق